باسمِ الحسينِ دعا نعاءِ نعاءِ

كلمات الشاعر: صالح الكواز

باسمِ الحسينِ دعا نعاءِ نعاءِ	 .. 	فنعى الحياةَ لسائِرِ الأحياءِ
وقَضى الهلاكُ على النفوس وإنما	 .. 	بَقِيَتْ ليبقى الحزنُ في الاحشاءِ
يومٌ بهِ الاحزانُ مازَجَتِ الحشى	 .. 	مثلَ امتزاجِ الماءِ بالصهباءِ
لَم أنْسَ إذ تَرَكَ المدينةَ وارداً	 .. 	لا ماءَ مَدْيَنَ بل نَجيعَ دماءِ
قد كان موسى والمَنيَّةُ إذ دَنتْ	 .. 	جاءتْهُ ماشيةً على استحياءِ
وله تجلّى الله جلَّ جلالُهُ	 .. 	من طُورِ وادي الطفِ لا سيناءِ
فهُناكَ خرَّ وكلُّ عضوٍ قد غدا	 .. 	مِنه الكليمَ مُكلَّمَ الأحشاءِ
يا أيها النبأُ العظيمُ إليكَ في	 .. 	ابنَيكَ مِنّي أعظمَ الانباءِ
إنَّ اللذَينِ تسرَّعا يقيانِكَ ال	 .. 	أرماحَ في صفّينَ بالهيجاءِ
فأخَذْتَ في عَضُدَيهِما تُثنِيهِما	 .. 	عمّا أمامَكَ من عظيمِ بلاءِ
ذا قاذفٌ كَبِداً له قِطَعاً وذا	 .. 	في كربلاءَ مُقطَّعُ الأعضاءِ
مُلقًى على وجهِ الصَّعيدِ مجرَّداً	 .. 	في فِتيةٍ بيضِ الوجوهِ وِضاءِ
تلك الوجوهُ المُشرِقاتُ كأنَّها	 .. 	الأقمارُ تَسبَحُ في غديرِ دِماءِ
رَقَدُوا وما مرَّتْ بِهِم سِنَةُ الكَرى	 .. 	وغَفَتْ جفونُهُمُ بِلا إغفاءِ
متوسّدينَ مِنَ الصعيدِ صخورَهُ	 .. 	مُتمَهِّدينَ خُشونةَ الحَصباءِ
مُدَّثّرينَ بكربلا سُلُبَ القَنا	 .. 	مُزَّمِّلينَ على الرُبى بِدِماءِ
خُضِبوا وما شابوا وكانَ خِضابُهُم	 .. 	بدمٍ منَ الاوداجِ لا الحَنّاءِ
أطفالُهُم بَلَغوا الحلومَ بِقُربهِم	 .. 	شوقاً إلى الهيجاءِ لا الحَسناءِ
ومُغَسَّلِينَ ولا مياهَ لهم سِوى	 .. 	عَبَراتِ ثَكْلى حَرَّةِ الأحشاءِ
أصواتُها بُحَّتْ فهُنَّ نوائِحٌ	 .. 	يَندِبْنَ قتلاهُنَّ بالإيماءِ
أنّى التفتْنَ رأينَ ما يُدمي الحشى	 .. 	مِن نَهبِ أبياتٍ وسَلْبِ رِداءِ
تشكو الهَوانَ لِنَدْبِها وكأنَّه	 .. 	مُغضٍ وما فيهِ مِنَ الإغضاءِ
وتقولُ عاتبةً عليهِ وما عسى	 .. 	يُجدي عِتابُ مُوزَّعِ الأشلاءِ
قد كنتَ للبُعَداءِ أقربَ مُنجِدٍ	 .. 	واليومَ أبعدَهُم عنِ القُرَباءِ
أدعوكَ مِن كَثَبٍ فلَمْ أجِدِ الدُعا	 .. 	إلاّ كما ناديتُ للمُتَنائي
قد كنتُ في الحرمِ المنيعِ خبيئةً	 .. 	واليومَ نَقْعُ اليَعمُلاتِ خِبائي
أُسبى ومثلُكَ من يَحوطُ سُرادِقي؟	 .. 	هذا لَعَمْرِي أعظمُ البُرَحاءِ
ماذا أقولُ إذا التقيتُ بشامِتٍ	 .. 	إنّي سُبِيتُ وإخوَتي بإزائي؟
حَكَمَ الحِمامُ عليكُمُ أنْ تُعرِضوا	 .. 	عنّي وإنْ طرَقَ الهوانُ فِنائي
ما كنتُ أحسبُ أنْ يَهونَ عليكُمُ	 .. 	ذُلّي وتسييري الى الطلقاءِ
هذي يتاماكم تلوذُ بِبَعضِها	 .. 	ولكم نساءٌ تلتجي لنساءِ
عَجَباً لقلبي وهو يألَفُ حُبَكُم	 .. 	لِمَ لا يذوبُ بحُرقَةِ الأرزاءِ
وعَجِبْتُ مِن عيني وقد نظرتْ الى	 .. 	ماءِ الفراتِ فلَم تَسِلْ في الماءِ
وألومُ نفسي في امتدادِ بَقائِها	 .. 	إذ ليس تَفنى قبلَ يَومِ فَناءِ
ما عُذرُ من ذكَرَ الطفوفَ فلم يَمُتْ	 .. 	حُزناً بذكرِ الطاءِ قَبلَ الفاءِ
إني رَضِيتُ من النواظرِ بالبُكا	 .. 	ومِنَ الحَشى بتنفُسِ الصُعَداءِ
ما قَدْرُ دَمعيَ في عظيمِ مُصابِكُم	 .. 	إلا كشُكرِ الله في الآلاءِ
وكِلاهُما لا ينهضانِ بواجِبٍ	 .. 	ابداً لدى الآلاءِ والأرزاءِ
زَعَمَتْ أميةُ أنَّ وَقعةَ دارِها	 .. 	مثلُ الطفوفِ وذاك غيرُ سَواءِ
أينَ القتيلُ على الفراشِ بِذِلَّةٍ	 .. 	مِن خائِضِ الغَمَراتِ في الهيجاءِ
شتانَ مقتولٌ عليهِ عُرْسُهُ	 .. 	تَهوى ومقتولٌ على الوَرْهاءِ
ليس الذي اتَّخَذَ الجدارَ مِنَ القَنا	 .. 	حِصنًا، كمُقرِيهِنَّ في الأحشاءِ
باسمِ الحسينِ دعا نعاءِ نعاءِ | قصائد